Last updated on 2017-04-27T17:57:31+03:00 at 05:57 م
زوجي لا يسمعني.. ظاهرة تؤرق الزوجات .. ؟؟
الرجال يرغبون في ما قلّ ودلّ والنساء يفضّلن الإطالة :
الحوار الزوجي بشقيه: التكلُّم والإنصات، هو ضرورة حيويّة لإستمرار السعادة الزوجية. لكن، ماذا لو فشل الشقّ الثاني من الحوار بين الزوجين، لمجرّد أنّ الزوج قرر إسقاط ضرورة الإنصات منه؟ وماذا لو وجدت الزوجة نفسها في أزمة، بسبب زوج يدير ظهره لحديثها..؟؟
“اختصري”، “قولي من الآخر”، “متى تنتهي حكايتك..؟؟”، “هل القصة طويلة..؟؟”
، ليست الكلمات، سوى نماذج من عبارات وتصرّفات تصدر عن الزوج، الذي ربّما يتمنّى من خلالها أن ينجح في إفهام زوجته أنّه لا يريد أن يسمعها. لكن، لماذا ما عاد الزوج يريد أن يسمع زوجته الآن..؟؟
وهو حين التقاها كان يتمنّى أن يسمع كل كلمة منها لا بل كل حرف، لكنّه بات اليوم يتهرّب من سماع حديثها بأساليب شتّى، مثل قراءة الجريدة أو التركيز على التلفاز، أو العمل على الكمبيوتر؟ هل تحوّل حديثها إلى علقم في نفسه بعد أن كان شهداً صافياً..؟؟
أم ثمَّة أسباب أخرى ترتبط بالملل والروتين وضغوط الحياة ومشكلات العمل..؟؟
زوجي لا يسمعني..!!
شكوى ترددت أكثر من مرّة في هذا التحقيق. إلى التفاصيل…
– لولا جارتي:
اعتادت علياء أن تفتح باب البيت، لتدخل وتغلقه من جديد. تنظر حولها فلا تسمع صوتاً أو حركة. تقصد غرفة الجلوس، فتجده في مكانه، تماماً حيث تركته قبل أن تذهب إلى الصيدليّة، لتبتاع دواءها. “مرحباً يا زوجي العزيز، هل مازلت تلعب لعبتك هذه..؟؟”.
تخاطبه من دون أن تدخل الغرفة. تراه يومئ لها بيده متكاسلاً. لم يرمقها بنظرة واحدة. تقول بصوت يسمعه: “كالعادة”. لا يعلّق ولا هي. تسرع إلى المطبخ قبل أن تصاب بالهستيريا اليوميّة. تقف هناك والدموع في عينيها. وتبوح في سرها قائلة:
“الآن سوف أجهّز الطعام للأولاد قبل أن يأتوا من المدرسة، وسيغادر هو بعد الغداء إلى عمله، وكالعادة، لن يتفوّه بكلمة على الطاولة، حتى إذا تحدثت أنا والأولاد فلن يعلّق، لأنّه لا يسمعنا في الأساس”. تصل يدها لا شعورياً إلى علبة المناديل الورقيّة، تأخذ منديلاً وتمسح دموعها تهمس: “عليّ أن أسرع إلى إنهاء عملي، ليتسنّى لي الذهاب إلى جارتي. آه.. لولا جارتي لا نفجرت مرارتي”.
– تطويق:
“ينطبق عليَّ المثل القائل:
أنا في وادي وزوجي في وادي”. بغصة واضحة تتجلّى في الصوت والتعبير، تبحث ميادة أنور (سيدة منزل وأُم لابنة وحيدة) عن كلمات مناسبة لترسم بها صورة للتجربة التي تعيشها منذ عشرة أعوام. تحكي بهدوء: “زوجي لا يسمعني. وأنا لم أعتد ذلك”. تتململ ميادة في جلستها، تحسّنها، تكمل حكايتها: “قبل الزواج كان مستمعاً ممتازاً، لا بل كان يرجوني لأخبره أي شيء. لكن، بعد العام الأوّل من زواجنا، صرت أتحدّث إليه معتقدة أنّه يصغي إليّ، لكنني كنت أفاجأ به يقول لي إنّه لم يسمع هذا الخبر منّي من قبل، أو أنني لم أفتح سيرة تلك المسألة أمامه”. تبتسم ميادة وكأنّها تذكّرت أمراً، تنظر بحياء إلى الأرض وتقول: “لقد انطلت عليَّ تلك الحيلة أكثر من مرّة، لكني فهمت لاحقاً أنّه يستغفلني، ويسخر من طيبة قلبي ومن ثقتي به”. وتضيف: “عندها، صرت ألجأ إلى استراتيجيات محكمة النتيجة للنيل من اهتمامه الكامل”، تعلق بصوت يعلو بنبرة الإنتصار وتضيف “لقد طوّقت زوجي من كل الجهّات، ولم أترك له فرصة لإختراع حيلة يتهرّب فيها من سماعي، أو من التحجج بأنّه لم يسمعني، لأني صرت أرسل إليه ما أريد أن يسمعه منّي عبر بريده الإلكتروني، ومن خلال رسائل هاتفية وأحياناً كثيرة أكتب له رسالة طويلة”.
تعتبر ميادة أنّ هذه الأساليب “نجحت مع زوجي بعد عناء، لكنّها لم تتكفّل بجعله يعود عن طبعه المزعج في عدم سماعي”. وتقول: “كنت أفضّل لغة الحوار بيننا وأرغب بشدّة في ما لو كان يسمعني مثلما أسمعه. لكني وجدت أنّ الأمر مستحيل معه، فدربت نفسي على ذلك”.
– مشاركة:
“حين تدخل العروس عشّها الزوجي، لا تكون لديها أدنى فكرة عمّا ينتظرها فيه. وإذا رأت وشاهدت ما لم تكن تتوقّعه، فإنّها لا تدري كيف تتعامل معه”. تتوقّعه، فإنّها لا تدري كيف تتعامل معه”. تتوقّف انتصار قطناني عن متابعة الكلام، تنظر مبتسمة إلى زوجها الواقف إلى جوارها، تقول:
“حين يكون هو متضايقاً، لا يتردد لحظة في إخباري عمّا يضايقه، وهو يدرك تماماً أني مستمعة ممتازة. لكنه لا يبادلني هذه المسألة، والمضحك في الأمر أنّه ليس مثل بقية الرجال، يعتمد أساليب ملتوية لكي لا يستمع إليَّ. لا، فهو ببساطة لا يستمع. وحجّته: عمله المضني وضغوطه”. “هو لا يمثّل عليَّ وهذا أمر أحترمه فيه”، تكمل انتصار حديثها مؤكّدة:
“اعتدت أن تكون هكذا طبيعة حياتنا. فأنا عقلي كبير ولا أسمح لأمور مثل هذه أن تزعجني أن تقف حاجزاً بيني وبين زوجي، خصوصاً أني أدرك كم هو كريم وحنون ووفيّ وأب رائع”.
– استعداد:
من دون تردد ملحوظ، تعترف حلا أمين (خبيرة تجميل متزوجة منذ 12 عاماً ولديها ولد وحيد) بما تعانيه مع زوجها، تقول: “لا يسمعني زوجي دائماً. هناك موضوعات يسمعها مني، وأخرى يكره أن يسمعها، لاسيما تلك التي أكررها أو أنقّ عليها”. هذه الحقيقة، جعلت حلا تتفهّم طبيعة زوجها، وهي تقول في هذا السياق: “بت أبتعد عن مناقشته في الأمور التي لا يحبّها، خصوصاً حين يكون عائداً من عمله مثقلاً بضغوطه ومشكلاته. واختار وقتاً أراه فيه مرتاحاً ومواجه جيِّد، وأنتقي الكلمات المناسبة لأبدأ فيها الحديث، لألفت انتباهه أوّلاً، ومن ثمّ أحصل على استعداده الكامل للمناقشة”. ولأن السيدات يختلفن في الطباع والتصرّفات، تجد حلا أن “هناك سيدات يبالغن في فرض الثرثرة على أزواجهنّ، ويدفعنهم إلى اللجوء إلى أساليب ملتوية معهنّ، للتملّص من أحاديث يجدون أنّه لا فائدة من اشتراكهم فيها”. وتتطرّق حلا إلى المؤسسة الزوجيّة، فتلفت قائلة: “الحياة الزوجية تقوم على شريكين في الزواج، يسمعان بعضهما البعض ويحترمان ما يتشاركان فيه”. من جهة ثانية، تشير حلا إلى “أهمية اختيار المرأة الوقت المناسب للتحدّث فيه إلى زوجها، لكي يسمعها”، وإذ تتوجّه إلى الأزواج بالنصيحة، تقول: “إيّاك أيُّها الرجل واعتماد أسلوب التجاهل مع زوجتك، لأنّ هذا الأمر سيقودكما إلى المشكلات الزوجية، كما أنّه يحوّل زوجتك إلى امرأة نكديّة بامتياز، ما ينعكس بالتالي كابوساً على حياتك”.
– تطنيش:
ولأنّ الحياة ترسو في بعض الأحيان عند نقطة مشتركة بين امرأتين أو أكثر، لا تبدو علاقة رولا فضّول (سيدة منزل متزوجة منذ 17 عاماً ولديها 3 أولاد) مع زوجها غريبة عن الأخريات، فهي أيضاً تشكو عدم سماع زوجها لها، وتقول: “لا يسمعني زوجي حين يكون عائداً من عمله. وعصبيته في تلك اللحظات تكون واضحة في تصرفاته. لذلك، اعتدت أن أتحاشى فتح أي موضوع معه وهو في حالته هذه حتى لا أعاني من تطنيشه”.
إذن في رأي رولا أنّه “يجب أن تختار المرأة الوقت المناسب لكي تتحدّث فيه مع زوجها وباختصار. أمّا إذا أسقطت هاتين القاعدتين، فبالتأكيد سوف تشتكي لاحقاً من أن زوجها لا يستمع إليها”. ذلك أنّ قناعة رولا ترجّح أن “ثمَّة سيدات كثيرات مذنبات في هذا الموضوع”. وتقول:
“هؤلاء هنّ اللواتي يدفعن أزواجهنّ إلى إعتماد أسلوب التجاهل والتحايل على القصص والمسائل التي يستشرنهم فيها.لأنهنّ يكثرن من الثرثرة في الأمور الافعة وغير النافعة، إلى درجة يَملّ فيها الزوج، فيلجأ إلى إختصار وجع الرأس بأسلوب يريحه”.
– مبادلة:
في رأي متمايز، كونها لم تعش تجربة الزواج وحكايات الأزواج بعد، تقول بأولا عطاالله (مندوبة تسويق): “لن أحتمل زوجاً لا يسمعني. فمثل هذا الزوج لا يحترمي أو يكون قد ملّني، وفي الحالتين هو زوج أرفض البقاء معه”. بهذه الجملة الجازمة، تختزل باولا نظرتها إلى الموضوع، تضيف: “أدعو الله ألّا يربطني بزوج على هذه الشاكلة، فإذا اعتمد معي أسلوب التجاهل أو أي أسلوب آخر يقلل فيه احترامي، وتقدير ما أقوله. لن أتردد في مبادلته التصرّف ذاته، لكي أشعره تماماً بالذي أشعرني به”.
صحيح أنّ باولا تملك خبرة المتزوجين، ولكنّها تسمح لنفسها بالتعليق قائلة:
“إنّ بعض الرجال يجب أن تعتمد المرأة أسلوبهم ليستوعبوا ويفهموا مدى الأذيّة التي يلحقونها بها وبنفسيتها”. وتشير إلى أن “على الزوج أن يكون صديقاً لزوجته يحسن الإنصات لها قبل أي شيء آخر، علما بأنّه لا يحق للزوجة أن تفتح فاها بكلمة، لو كانت تدري عن طبعه قبل الزواج به”.
– ثرثرة:
هل تسمعني يا زوجي..؟؟
سؤال ينتظر إجابة من الرجال، فكيف يجيبون عنه؟ هل هم فعلاً يعتمدون أساليب ملتوية وتبريرات غير مقنعة للإلتفاف على أسباب عدم إصغائهم لزوجاتهم..؟؟
في إجابة مقتضبة وسريعة، يردّ سالم يوسف (مدير شركة، متزوج منذ ثمانية أعوام ولديه ولدان): “لست من الرجال الذين يتعمّدون عدم سماع زوجاتهم، لكنني أضطر إلى استخدام حيلة الجريدة والأخبار المتلفزة والبرنامج الوثائقي وغيرها من الأمور، بين الوقت والآخر”. ينظر سالم حوله مرتبكاً، يعترف:
“أنا محتار ماذا أقول”، ويضيف بصوت متهكّم: “لا أحب الاستماع إلى الزوجات الثرثارات. لكن، للأسف، زوجتي تحب الكلام كثيراً، على الرغم من أنّها تعرف طبعي جيِّداً”. يتردد سالم قليلاً في إكمال كلامه، يبتسم بخبث قبل أن يتابع: “لا أتعمّد الأمر، ولكني أعتمد تلك الأساليب، لأقاطع حديثها إذا وجدتها تسترسل فيه إلى ما لا نهاية، حيث أشعر بأنّه يجب وضع حدّاً للثرثرة.. ألا توافقونني الرأي..؟؟”.
يعيد سالم السؤال في ذهنه، ويمضي مردداً: “ليت زوجتي تفهم هذا الأمر، لتريحني وترتاح”.
– تقدير:
على الصعيد نفسه، يصرّح سهيل أو حجلة (مدير مصرف متزوج منذ 27 عاماً ولديه 4 أولاد) قائلاً:
“في العمل أنا مستمع جيِّد، إنّما في البيت، قد أكون مقصّراً قليلاً إنّما بشكل غير متعمد”. هذا الواقع، لم يشر إليه سهيل ليسخر منه، بل ليضيف مؤكّداً: “لا أجدني مهيأ نفسياً لفعل الإصغاء. وللأمانة، تحتار زوجتي معي في اختيار الوقت المناسب لتتحدّث إليَّ. في المقابل، أنا أعرف أنّها ذكية وحكيمة وواعية، تقدّر طبيعة عملي الذي يحتاج إلى تركيز كبير، وتعرف أني أعود منهكاً ومتعباً إلى البيت”. يشرد سهيل في البعيد قبل أن يعلّق متابعاً: “إذا كان الموضوع الذي تريد زوجتي أن تحدّثني عنه ملحّاً ومهمّاً، فأنا لها آذان مصغية. إنّما لو كان خبراً لا يعنيني، فلا أعلّق عليه في الغالب”. “هذا هو طبعي وهذه هي خصالي وقد لا أكون مستمعاً جيِّداً لزوجتي، ولكني في المقابل زوج وفيّ بكل ما للكلمة من معنى” يقول سهيل خاتماً كلامه.
– الخميس:
في إعلان واضح، يقرّ نضال ياسين (مهندس كهربائي متزوج منذ 15 عاماً) بأنّه لا يختلف عن غيره من الرجال، مشيراً إلى أنّه “إذا تجاوزت زوجتي حدود الكلام المعقول، أتوقّف عن الاستماع إليها. وأظنّ أنّ معظم الرجال يفعلون مثلي”. لا ينكر نضال أن زوجته تشتكي في أحيان كثيرة، “من أني لست مستمعاً جيِّداً”، مبرراً أن “الأمر يعود إلى طبيعتي الشخصيّة في تقييم الأمور واختزالها ومناقشة ما أرى منه إفادة، وبالتالي كثيراً ما أسقط الأحاديث التي لا تعجبني أو لا تعنيني بشكل أو بآخر”. إنّما هذا لا يعني أن نضال لا يحب مشاركة الزوجة الحديث والإصغاء، ذلك أنّه يعود ليقول: “بالتأكيد أسمع زوجتي جيِّداً، فأنا شريكها في الزواج وفي الحياة”. ثمّ يختم ممازحاً: “أحسن وقت تحظى به زوجتي على إصغائي بالكامل هو مساء الخميس من كل أسبوع.
– اختصار:
على صعيد آخر، يجاهر منصور فارس (إداري، متزوج منذ 4 أعوام ولديه ابنة وحيدة) قائلاً: “بالتأكيد أسمع زوجتي. فهي اختارت الشريك الصحيح ولن أخذلها”. إذن الزوج الذي لا يسمع زوجته، هو بالنسبة إلى منصور:
“نتيجة اختيار خاطئ قامت به المرأة التي من حقّها عليه أن يسمعها ويعطيها الوقت الكافي لذلك”.
تنفرج أسارير فارس وهو يتابع مبتسماً: “شخصياً، أنا أعتبر نفسي مرتبطاً بامرأة عاقلة ورزينة، لا تثرثر إنّما تختصر في كلامها المفيد والمهمّ، لذلك لا أعاني بسبب موضوع الثرثرة، ولا أخشى إعتماد أساليب التملّص من سماعها كما يفعل غيري. وهذا أمر مريح وأنصح الأزواج باعتماده، وخصوصاً مع الزوجة، لكي تكسب زوجها إلى صفها وتحوّله إلى مستمع جيِّد”. أمّا إذا فشلت المرأة في ذلك، فينصح فارس زوجها “بأن يدرّبها على الإختصار في كلامها ليسمعها، بدلاً من تطنيشها وتقليل احترامها والإنتهاء معها بمشكلة ما لها حلّ”.
– شريكة:
وفي سياق متصل لناحية الرأي، إنّما متمايز من ناحية التجربة، يعلّق علي عبدالله (مدير متجر ملابس) قائلاً: “لم أتزوج لتكون لي تجربة المتزوجين، لكني مقتنع بأهمية الإصغاء إلى زوجتي في المستقبل”. ويشدد علي على أنّه لن يقبل “أن تقول زوجتي عني إني لا أسمعها. فأنا مضطر إلى سماعها، لأنّها أوّلاً وأخيراً زوجتي وشريكة حياتي، التي اخترتها وأحببتها من بين جميع نساء الأرض”. يسهو علي مفكّراً للحظات، ثمّ يكمل:
“سوف أكون مستمعاً جيِّداً لها. أقلّه حين تحدّثني في أمورنا الشخصيّة والمصيرية، أي تلك التي تحتاج إلى قرار مشترك”. يعود إلى التفكير مجدداً ويضيف: “ربّما لن أكترث كثيراً لسماع أمور البيت الصغيرة التي تكون في الغالب من تخصص المرأة فقط، ولكني لن أتجاهل زوجتي وهي تحدّثني عنها، ولن أنصرف إلى الكمبيوتر أو إلى القراءة أو إلى أي أمر آخر على حساب الإصغاء إليها. لأني لن أرضى أن تنشغل بأي أمر حين أرغب في أن تسمعني”.
– غوغاء:
يعرّف استشاري الطب النفسي الدكتور عابد أبومغيصب الإصغاء بالإشارة إلى أنّه “الاستمرار والإنتباه لفترة بهدف استقبال رسالة لغوية أو لفظيّة من شخص آخر”. ويقول: “أمّا إذا كان هذا الإنتباه غير مستمر، فنسمّيه تشتتاً”. ويوضح أنّ “الكلام هو نوع من التواصل. وإذا لم تكن لهذا التواصل أهميّة، فإننا نتجاهله، سواء في العمل أم في البيت أم في أي مكان”. ويضيف: “الرجل أيضاً إذا سمع موضوعاً لا يهمّه، فإنّه يتجاهله، ولكنه إذا سمع ما يهمّه أو يهمّ الأسرة فمن النادر ألا يصغي. إلا أنّ الزوجة في بعض الأحيان، تحكي أحاديث غير مهمّة للزوج ولا تختار الوقت المناسب لكي توصل رسالتها. متناسية أنّ الرسالة لها وقت محدد، وإذا فشلت في تحديده، تفشل في أسر انتباه زوجها. علماً بأنّها أكثر واحدة مؤهلة لمعرفة الوقت الذي يناسبه”.
ويعدد الدكتور أبومغيصب أسباباً أخرى تدفع الزوج إلى عدم سماع زوجته، منها: “الموضوعات المكررة التي تعيدها زوجته على مسمعيه مراراً وتكراراً، على الرغم من مطالبته لها بعدم التحدّث فيها، والطلبات التي يجد فيها نفسه غير قادر على تلبيتها. بالإضافة إلى انعدام التناغم والانسجام العاطفي الجيِّد بينهما، وكذلك حلول التنافر والتمايز في الأهواء والتطلّعات، فينفر الزوج من زوجته ويركن إلى الصمت وعدم التواصل معها، وتنفر هي منه، ولكنّها بدلاً من إلتزام صمته، تعمل على استفزازه لترى ردّ فعله”. لافتاً إلى أنّ “هذه استراتيجية سيِّئة تستخدمها الزوجة في هذا الإطار، بينما يكون الأفضل لها إعتماد لغة الحوار إلى أن يقبل التواصل معها”.
– استراتيجية التواصل:
واستناداً إلى فنّ الاستراتيجيات التي يمكن للمرأة أن تعتمدها لتتواصل مع زوجها، يشير الدكتور أبومغيصب إلى أنّه “لا يمكن اعتماد استراتيجية واحدة وتعميمها على كل النساء. فحالة كل زوجة تختلف عن حالة الأخرى”. ويقول: “وحدها المرأة تدرك وتقيّم أي استراتيجية يمكنها أن تنجح مع زوجها، لأنّها أدرى بظروفه ونفسيته وطبيعة عمله وكلُّ ما يرتبط به. أمّا إذا فشلت في بناء استراتيجيتها الخاصة، فأنصحها بألا تتوجّه إلى جارتها أو صديقتها لتحصل على النصيحة، إنّما إلى متخصص في الأمر، وذلك حتى لا تحول أمورها الشخصية إلى حكايات ودردشات عامة”.
ويتحدّث الدكتور أبومغيصب عن الانعكاسات التي يتركها هذا الموضوع على كل من الزوجة والزوجة والأسرة، فيقول: “قد يتحوّل البيت إلى حالة من الغوغاء، حيث تغيب الرسائل الواضحة والآراء المنسجمة، وتنعدم الضحكة والابتسامة والعلاقات الطيّبة. تصبح المرأة والأولاد والرجل أيضاً، مشوشي التفكير، ويدرك الأولاد أن والدهم في جهة ووالدتهم في جهة أخرى، بينما تحمّل الزوجة الذنب لزوجها لأنّه لا يسمعها”.
وبحسب الدكتور أبومغيصب أن “من شأن انعدام التواصل بين الزوج والزوجة أن يقود إلى تراكمات كثيرة يتأثّر فيها الأبناء بشدّة، فنراهم ينحرفون ويتعاطون المخدّرات ويكونون من الفاشلين”. لذلك ينصحهم: “بالخضوع لتنظيم علاجي أسري، لتحسين التواصل والتفاهم بينهم، شرط أن يكونوا راغبين في ذلك. أمّا الطريقة الأنجع، فهي أن تتكلّم الزوجة ويسمع الرجل. وإذا كانت لديهما أي وجهات نظر متباعدة، يجب تحاشي إيصالها إلى الأولاد”.
– مهارة:
تلفت رئيسة قسم التمكين الأسري ناعمة خلفان إلى أنّ “المرأة لا تصرخ: “زوجي لا يسمعني”، إلا بعد أن تكون قد وصلت إلى حدّ الإنفجار، وعاشت مرحلة صعبة من المعاناة وفقدت كل قدرة على التحمّل”. وقبل أن تتطرّق خلفان إلى انعكاسات هذا الموضوع على الأسرة بكاملها، تشدد على أنّ “المرأة تفتقر في أحيان كثيرة إلى المهارة التي تجعلها تجذب الرجل للإصغاء إليها، في حين يجب عليها أن تكون دبلوماسية، وتجتهد على تجديد تواصلها مع زوجها، وذلك باستخدام ذكائها ونهل كلُّ ما تصادفه من ثقافات جديدة، وخبرات إيجابية في الحياة”. وفي سياق كلامها عن انعكاسات هذا الأمر، تقول: “مادام للمرأة دور كبير في الأسرة، فإنّ هذا يعني أنّ تأثّرها بإهمال زوجها لها وعدم استماعه لأحاديثها أو التواصل معها، سوف يتجسّد عصبية وتوتّراً. ومع الوقت، تصبح طاقتها على الاحتمال والصبر ضعيفة، فتتحوّل هذه السلبيات إلى أولادها، وتحوّلهم إلى ضحيّة للضغط الذي تعانيه، فيتأثر مستواهم الإجتماعي والتربوي، وليس غريباً أن يصبحوا عدوانيين، لأنّهم لا يجدون من يحتويهم ويستوعب همومهم”. وتشير إلى أنّ “من الإشارات والعلامات التي تلفتنا إلى وجود خلاف بين الأزواج، هو حين تبدأ الزوجة بالتحدّث كثيراً، ما يدلّ على أنّها في اللاشعور عندها، تعاني محنة أو خلافات في منزلها ووصل بها الأمر إلى حدّ الشكوى والإستعانة بأحد تفضفض له، يكون بديلاً عن الزوج الذي لا يسمعها”. وتتابع: “غالباً ما تأتينا مثل هذه النماذج لنساعدها بشكل عام في الاستشارات الزوجية. كما ننصحهم بالانتساب إلى دورات نقيمها، تعلّمهم كيفية التعامل مع المشكلات الزوجية. لنخلص في النهاية إلى تأهيلهم لتأسيس نوع من القيادة الأسرية”.
وتدعو خلفان في ختام حديثها إلى أن “يخصص الزوجان، “ساعة صفاء” مرّة في الأسبوع، يخرجان فيها إلى مكان هادئ، ليتكلّما مع بعضهما، كنوع من الفضفضة الرامية إلى التسامح على المواقف المتشنّجة والتي سببت إزعاجاً لأي منهما”، لافتة إلى أن “من شأن هذا أن يبعد شبح التراكمات النفسيّة عنهما، ويؤدّي إلى تماسكهما الأسري”. وتقول: “الأهم هو ألا يصل الأمر بالمرأة إلى مرحلة تطالب فيها الزوج بأن يسمعها”.